لا تبحث عن مستثمر من البداية

سبتمبر، 2014

عندما أقول لبعض رواد الأعمال العرب عدم تضييع أوقاتهم في البحث عن مستثمر من البداية والتركيز على تطوير المشروع عوضاً عن ذلك، البعض يستغرب ويظن الأمر مستحيل أو أن هذه نصيحة سيئة. ما لا يعرفه هذا الشخص أن البدء بموارد محدودة دون وجود شبكة أمان (استثمار أو مبلغ في البنك) هو أفضل ما يمكن أن يحصل لشركته الناشئة! فهو سيضع رائد الأعمال وفريق العمل تحت ضغط كبير يجبرهم اما على انجاح المشروع وايجاد حلول مبتكرة للمشاكل التي يواجهوها ثم ايجاد زبائن يدفعون مقابل الخدمات أو المنتجات التي تقدمها الشركة (وهي بالحقيقة الضمان الوحيد لاستمرار أي شركة) أو إغلاقها من البداية دون تضييع مزيداً من الوقت على فكرة لا تحقق أي دخل. ان لم يكن المشروع قادراً على تحقيق دخل من البداية فرص تحقيقه لعائد على الاستثمار لاحقاً أقل بكثير مما لو كان المشروع قادر على تحقيق هذه العوائد من البداية ودون استثمار.

ليس جميع الشركات يمكن أن تبدأ وتستمر لفترة دون استثمار أولي كبناء مصنع مثلاً أو موقع مثل يوتيوب، تويتر أو حتى فيسبوك. هذه المشاريع تحتاج عمل لسنوات قبل أن تحقق أي دخل وردي على هذه الحالة، أنت لست بحاجة لأن تختار هذا النوع من المشاريع خصوصاً ان لم يكن لديك خبرة سابقة في هذه المجال أو ان لم يكن لديك علاقات أو تعرف بالفعل مستثمر يثق بك وبخبراتك ومستعد من البداية لضخ مبلغ في شركتك. أن يشكو رائد الأعمال من عدم وجود مستثمرين والقاء اللوم عليهم بعد اختياره لفكرة كهذه هو خطأ رائد الأعمال نفسه لأنه فعلياً لم يوفّر الشروط المطلوبة تثبت أنه قادر على انجاح هذا النوع من المشاريع.

لكن تطبيق مثل Instagram بيع بمليار دولار الى فيسبوك دون أن يحقق أي دخل؟ صحيح، هذا الاستثناء وليس القاعدة وهو مماثل للحالات التي ذكرتها سابقاً، تماماً كأوراق اليانصيب وهذا ما لن يحصل قريباً في عالمنا العربي في وضعه الحالي. سيكون من الأفضل أن يبحث رائد الأعمال عن فكرة تحقق دخلاً للشركة من البداية وبذل جهد لانجاحها عوضاً عن اختيار فكرة لا يمكن البدأ بها دون مستثمر وقد تحتاج لسنوات قبل أن تحقق أي دخل أو قد لا تحقق اطلاقاً!

الصعاب التي نواجهها في عالمنا العربي، بقليل من الذكاء يمكن أن نقلبها لصالحنا وهذا ليس كلام فلسفي بل تجربة خضناها في حسوب ومازلنا نخوضها يومياً وبرأيي هي أحد العوامل الأساسية التي أدت لناجح شركة حسوب اليوم. البداية كانت بموارد محدودة جداً مع عدم وجود أي مستثمر، هذا فرض علينا العمل على تطوير إعلانات حسوب بشكل أسرع، تقديم خدمة عملاء أفضل وبالمحصلة تقديم مردود أفضل لعملائنا. قلة الموارد فرضت علينا أيضاً ايجاد حلول للعديد من المشاكل بأقل تكلفة ممكنة ثم توسيع العمل وايجاد مزيداً من العملاء يدفعون لنا ويضمنوا استمرار حسوب. ماذا لو كان لدينا استثمار من البداية؟ ربما لما شعرنا بحاجة ملحّة لتطوير إعلانات حسوب ومشاريعنا الأخرى كموقع خمسات بالسرعة المطلوبة ولما تمكنا من تقديم نتائج أفضل لعملائنا من المنافسين وبذلك لبقينا نعتمد على الاستثمار حتى ينتهي وربما لفشلت الشركة.

النقاش على حسوب I/O