المدير التنفيذي وقت الحرب والمدير التنفيذي وقت السلام

أغسطس، 2016

قرأت السنة الماضية كتاب The Hard Thing About Hard Things من تأليف Ben Horowitz الكتاب ممتاز وان كنت تفكر بقراءته فأنصحك به. Ben هو مؤسس شركة Opsware التي بيعت لشركة HP بمبلغ 1.6 مليار دولار ومؤسس شريك لـ a16z التي تعتبر من أنجح شركات رأس المال المخاطر في سيليكون فالي.

من ضمن الأمور التي يتحدث عنها Ben في الكتاب، هي حاجة الشركة، حسب المرحلة التي تمر بها، الى المدير التنفيذي وأسلوب الإدارة الصحيح لتنجح، وصنّفهم الى:

وقت السلام: تكون الشركة هي المسيطر على السوق الأساسي الذي تعمل به ولديها ميزة تنافسيها تجعلها أفضل من باقي منافسيها. هنا، تعمل الشركة على توسيع السوق وزيادة قوتها. في هذه الأوقات، تشجّع الشركة فريقها على الإبداع، التواصل، التجربة، وتوسّع الأهداف التي تعمل عليها. أي ان كانت الشركة سفينة في البحر، في هذه الأوقات تكون المياه هادئة، والشمس مشرقة، أما المنافسين فهم سفن أخرى بعيدون عنها. الحياة جميلة.

وقت الحرب: تحاول الشركة تجنب خطر حتمي أو وشيك قد يؤدي لنهايتها. هذا الخطر قد يكون مصدره منافسين، سوق غير ثابت يمر بتقلبات سريعة، تغيير بالموردين، وما الى ذلك. هنا، تحتاج الشركة لأسلوب إدارة مختلف عن أسلوب الإدارة وقت السلام لتستمر. أي إن كانت الشركة سفينة في البحر، هذه المرة هي في عاصفة، محاطة بجبال جليدية، لا يوجد وقت للتردد أو مجال لارتكاب الأخطاء أو الرفاهية. يوجد هدف واحد: أن تنجو.

الكاتب ذكر شركة جوجل وايرك شميت كمثال لمدير تنفيذي وشركة وقت السلام. في الفترة التي كان ايريك مدير تنفيذي لشركة جوجل، كانت جوجل هي المسيطر على سوق محركات البحث ومعه الإعلانات والإنترنت أيضًا، جوجل في ذلك الوقت تنموا بشكل ثابت ومتسارع. ايرك كان المدير التنفيذي المناسب لجوجل بالوقت المناسب واستخدم خبرته لتوسيع أعمال وخدمات جوجل وهذا ما نجح بتحقيقه.

بالمقابل عندما تنحى ايرك شميت واستلم لاري بيج مكانه كمدير تنفيذي في 2011، فهذا حسب رأي الكاتب لأن لاري هو مدير تنفيذي وقت الحرب وهذا ما تحتاجه جوجل للفترة القادمة. فيسبوك والشبكات الاجتماعية  تقتطع من حصة جوجل وسيطرتها على سوق الإعلانات من جهة، وأبل تستحوذ على المستخدمين وتنقلهم من منصة الويب التي تسيطر عليها جوجل الى منصة الموبايل التي تسيطر عليها أبل.

أبل وستيف جوبز مثال لشركة ومدير تنفيذي أثناء الحرب. في الثمانينات عندما كانت أبل تعيش مرحلة سلام تنحى ستيف جوبز عن منصب المدير التنفيذي وعين شخص آخر مكانه. عندما عاد ستيف لأبل بعد أن كان قد فصل منها، كان أمامه بضعة أسابيع فقط قبل أن تعلن أبل افلاسها. ستيف هو مدير تنفيذي وقت الحرب، وعند عودته، كان على الجميع التحرك بسرعة وفق الخطة التي وضعها ستيف وتنفيذها بحذافيرها.

أغلب الكتب والمقالات التي نقرأها عن أساليب الإدارة تتحدث عن الإدارة وقت السلام، وعدد أقل بكثير من يتحدث عن الإدارة وقت الحرب. إدارة شركة وقت الحرب على أنها في سلام سيؤدي لنهاية حتمية لها. إن نظرنا لأسباب فشل شركات مثل كوداك، نوكيا، ياهو، هبوط مايكروسوفت قبل ساتيا ناديلا، أبل قبل عودة ستيف جوبز سنجد أن تلك الشركات كانت تشعر بأمان زائد بفترة من الفترات وبدأت بالهبوط، ولم ينجو منهم إلا من اختار المدير التنفيذي للفترة المناسبة وبدأ باتخاذ خطوات حاسمة وفورية.

الخلاصة: الشركة لتنجح تحتاج لتوظيف كلا الأسلوبين بالأوقات المناسبة. أثناء السلام، تحتاج الشركة لأسلوب إدارة مختلف عن الإدارة أثناء الحرب والعكس صحيح. في حين أن مؤلف الكتاب يؤمن بوجود مدير تنفيذي قادر على لعب الدورين، رغم اعترافه بصعوبة الأمر، شخصياً لا أتفق مع هذه الفكرة، وأرى من الأفضل اختيار المدير المناسب لكل مرحلة تحتاجها الشركة.

Ben Horowitz كتب تدوينة عن نفس الموضوع يمكن قرائتها من هنا.

التعليقات في حسوب I/O