ليس كل ما هو سريع يلمع

سبتمبر، 2024

عندما تعمل بنفس المجال لسنوات، تبدأ بملاحظة موضات تبدأ وتصعد وتنتهي، أكثر من مرة. هناك دائمًا موجة جديدة يتسابق الجميع لصعودها. سأخيب ظنك اليوم ولن أتحدث عن الذكاء الاصطناعي، بل عن السرعة وكيف يجب على كل شيء أن يكون سريع وصاروخي ويفضل أن يحتوي بجانبه إيموجي كهذه 🚀 وفي حالة الشركات الناشئة واحدة كهذه 🦄 أيضًا، ولماذا قد لا يكون هذا أفضل خيار.

بطيء

استغرقت شركة مايكروسوفت 20 سنة منذ تأسيسها عام 1975 حتى إصدار نظام ويندوز 95. تأسست شركة علي بابا الصينية عام 1999 ولم تدرج بسوق الأسهم حتى عام 2019. تأسست شركة زوهو الهندية عام 1996 واستغرقت 27 سنة حتى تخطى دخلها السنوي مليار دولار، دون أخذ تمويل خارجي. أما Valve مطورة Steam فتأسست هي أيضًا عام 1996 ومازلت مثل زوهو شركة خاصة وقت كتابة هذه المقالة.

الجميع يحب أن يضرب أمثلة بالشركات الناجحة التي أحدثت تغيير كبير بمجتمعها أو "غيرت العالم"، لكن لا أحد مستعد أن يصبر. صحيح أن بعض الشركات قد تنجح خلال وقت قصير، لكن لو أردت المقامرة لذهبت إلى كازينو، فرص نجاحي ستكون متساوية أو أعلى هناك.

الاستثناءات ليست قواعد ثابتة يمكن البناء عليها.

سريع

السائق الأرعن الذي تصادفه بين الحين والآخر أثناء قيادتك للسيارة، سريع! قليل ذوق، لكنه سريع. قد لا يراعي سلامته وسلامة من يركب معه، وقد ينتهي به المطاف محطم، لكن انظر لسرعته!

قيادة الشركات لا تختلف كثيرًا، التركيز على السرعة على حساب فرص النجاح وجودة المنتج والثبات وبيئة أو فريق العمل هو خيار يتخذ. وفي حين أن لكل شركة ظروف مختلفة، وبعض الشركات قد تجد نفسها مجبرة على وضع سرعة النمو أولاً، غالبًا قرارات سابقة هي من وضعتها بالزاوية. ربما جولة استثمارية أو عدم وجود ميزة تنافسية أو امتلاك منتج ضعيف أو خسارة العملاء وغيرها من الأسباب.

لا أؤمن بأن على فريق العمل أن يعمل أوقات إضافية لأن النجاح يتطلب ذلك. قد تمر أي شركة بظروف استثنائية تتطلب تضحية من الفريق لفترات مؤقتة لكن إن كان هذا هو الوضع الطبيعي للشركة فهذا فشل بالتخطيط أو إدارة الموارد أو كليهما.

موضة

يبدو أن السرعة هي موضة اليوم لأن الأمر ليس مقتصر على الشركات. نفس الأمر لاحظته في مجال تطوير البرامج أيضًا. كل لغة برمجة وكل قاعدة بيانات وإطار عمل جديد يعدك بالسرعة، لكن على حساب ماذا؟ أجريت خلال السنوات الماضية المئات من مقابلات التوظيف مع مبرمجين وعندما أسألهم عن سبب استخدم قاعدة البيانات الفلانية أو إطار العمل الفلاني يكون الجواب لأنه سريع! عندما أسألهم عما تم التضحية به مقابل هذه السرعة، غالبًا لا يكون الجواب مقنع.

أي مبرمج عمل لفترة طويلة بتشغيل منتج في بيئة إنتاجية يعرف أنه لا يوجد غداء مجاني. هل حقًا استبدال استقرار المنتج عبر استخدام تقنيات تتغير باستمرار أو زيادة تعقيده صفقة رابحة؟ وهل نجاح المنتج يعتمد على سرعة التطوير أو التشغيل فقط؟

حسوب

نركز في حسوب على بناء الشركة على المدى البعيد ونفعل ذلك في بيئة تسعى بها معظم الشركات التقنية للتسابق بسرعة النمو والتخارج بأسرع وقت. الثبات شيء مقدس لدينا ونحاول الابتعاد قدر المستطاع عن موضة اليوم. ستجد هذا منعكس على بيئة وإجراءات وفريق العمل، التقنيات التي نستخدمها، المنتجات التي نطورها وتركيزنا على عملائنا.

من كان يعرف أنك لو حافظت على عملائك عبر تقديم دعم فني جيد لهم لن تحتاج للركض لاستبدالهم باستمرار؟ أو إن طورت المنتج بعد تخطيط جيد له واستخدمت تقنيات ثابتة لن تحتاج لحل مشاكله الساعة 2 بالليل أو إعادة تطويره للمرة الثالثة بإطار عمل مختلف؟ أو إن لم تضع خطة للتخارج، لن تحتاج للإسراع بالنمو ولن تحتاج لأن تطلب من فريق العمل القتال حتى الرجل الأخير؟

في السابق، أنا أيضًا كنت مهتم بكل ما هو جديد وسريع. تعلمت لاحقًا، أنه لا يوجد طرق مختصرة للمشاكل التي نعمل على حلها. من ميزات ذلك، أني أعيش حياة أكثر هدوءًا وأنام بشكل أفضل من أي وقت مضى.

شكرًا إلى محمود الآغا، نافذ الدقاق ومختار الجندي على قراءة مسودات هذه المقالة.