لا تقف عند الخطوة الأولى

أكتوبر، 2012

أي شخص يريد البدء بمجال ريادة الأعمال يبدء بالبحث عن فكرة ولن أكرر هنا أن الأفكار لا تساوي شيء لأنها فعلياً ضرورية ولها قيمة (لكن ان تم تنفيذها فقط). ما لاحظته أن الكثيرون لا يدركوا أن الفكرة هي الخطوة الأولى فقط وللأسف الأغلبية العظمى تظن أنهم بحاجة لفكرة "عبقرية" ثم يحتفظون بها خوفاً من سرقتها حتى يأتي "مستمثر ملائكي" من السماء ويستثمر في فكرتهم لتحويلها لمنتج ثم ربما الى شركة ناجحة. إن لم يحصل ذلك، ستجد بعضهم ينتقد واقعنا العربي وتسمع عبارات مثل أن المشكلة بالمستثمرين أو الحكومة التي لا تدعم المواهب أو حتى الحظ أو اختر ما شئت من عبارات أخرى على شاكلتها. هذا الكلام قد يكون صحيح لكنه ليس مبرر كافي للتوقف. ليس عند الخطوة الأولى!

الوصول لشركة ناجحة يتطلب العديد من الخطوات المتتالية كالسير تماما. خطوة أولى ثم ثانية ثم ثالثة حتى المئة أو الألف أو أكثر حسب المسافة والهدف الذي يريد الوصول اليه. قد يتعثر رائد الأعمال ببعض (أو لنقل كثير) من الخطوات لكن ان كان مصر على الوصول للهدف الذي يريده فسيتابع المسير. رواد الأعمال للمرة الأولى لن يعرفوا ما هو الطريق ولا حتى الخطوات المطلوبة لكن أستطيع القول أن معظمهم سيمر بالخطوات التالية سواء عرفوا ذلك قبل البدء أم لا:

إيجاد فكرة

الفكرة ليس بالضرورة أن تكون عبقرية أو ستغير العالم المهم أن تكون قادرة على تحقيق ربح بطريقة أو بأخرى وهذا يعني أنها تحل مشكلة ما وشخص آخر يريد أن يدفع لاستخدام ما تحاول بناؤه. بعض الأفكار نظام الربح فيها لا يكون معروف من البداية وهذه فيها خطورة أكبر وعربياً لا أنصح بها اطلاقاً لوجود فرص نجاح أكبر بكثير عوضاً عن محاولة بناء شيء يشبه تويتر مثلاً أو تطبيق موبايل بفكرة "cool".

بناء المشروع

في هذه المرحلة المهم أن ينجز المنتج الأمور الأساسية بشكل جيد ومن الطبيعي أن يفتقر لكثير من الأمور. ربما يأخذ الأمر بضعة أسابيع وحتى بضعة أشهر، المهم أن يكون للمنتج مهمة واضحة وبمجال يفهم به رائد الأعمال لكي لا يبني منتج ناقص للفئة الخاطئة من المستخدمين.

الاطلاق

بعد جهد ربما لأشهر سيتم اطلاق المشروع وقد يكون من المحبط أن الأغلبية لن تهتم به أو تعرف عن المشروع وهنا يدرك رائد الأعمال أن المشروع لن ينجح بدون تسويق حتى ان كان أفضل منتج بالعالم.

التسويق للمشروع

الواقع الذي سيفاجئ المبرمجين من رواد الأعمال هو أن الأمر ليس فكرة ومنتج يعمل فقط (كنت أظن ذلك سابقاً) بل معظمه تسويق وإعلان وعلاقات. البعض سيتقبل ذلك وينتقل من كتابة الأكواد البرمجية الى كتابة الرسائل والدعوات والبيانات الصحفية أو يبحث عن شخص ينضم للمشروع يقوم بهذه المهمة عوضاً عنه.

بناء فريق العمل

مع البدء بالتسويق وانضمام بعض المستخدمين سيدرك رائد الأعمال انه لن يستطيع متابعة كل شيء بنفسه فمهما فعل، اليوم لن يزيد عن 24 ساعة وهنا سيحتاج لضم مزيد من الأشخاص ليعملوا معه على انجاح المشروع وهذا تحد كبير بحد ذاته فتشكل فريق يعمل مع بعضه ويؤمن بما تفعل للوصول لنفس الهدف ليست مهمة سهلة على الاطلاق.

تطوير المشروع

مع مرور الوقت وانضمام مزيد المستخدمين ستبدء بعض المشاكل بالظهور ونقص في الميزات وهنا يجب مواصلة تطوير المنتج واضافة ما ينقصه وتصحيح المشاكل بجانب متابعة العمل على التسويق وادارة الفريق.

الحصول على مستخدمين أكثر

حتى بعد وجود مئات وربما آلاف المستخدمين. المشروع لن يحقق أرباح ويغطي تكاليف التشغيل قبل الحصول على عدد كافي من المستخدمين وتحقيق مبيعات وأرباح أكثر وهذه المرحلة أيضاً ليست سهلة يكون الاستثمار فيها في بعض الأحيان ضروري وليس اختياري.

تحقيق الربح

لو كانت جميع الخطوات السابقة صحيحة سيبدء المشروع بتحقيق ربح يمكن اعادة استثماره في توسيع المشروع وبناء شركة حوله. ما سيقتل المشروع هو ان كانت الفكرة لا تحقق أرباح وبالتالي قد لا يجد المشروع استثمار أو يتمكن المواصلة بدون سلسلة استثمارات بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل وربما تؤدي بالنهاية لاستحواذ أو ان كانت الفكرة تستهدف فئة صغيرة جداً من المستخدمين فوقتها حتى ان حقق المشروع ارباح لن تكون كافية ولن يهتم أحد بالاستثمار به أو الاستحواذ عليه.

الخلاصة

الخطوات السابقة مختصرة جداً وعبارة عن رؤوس أقلام. في كل خطوة ذكرتها يوجد عشرات الخطوات الفرعية وطبعاً يوجد استثناءات كأن يتم الاستحواذ على المشروع قبل الوصول لمرحلة تحقيق الأرباح لكن بعد وجود استثمار. الآن، لنفرض أن المشروع كان بحاجة لاستثمار، بأي مرحلة تظن أن المستثمر سيكون مستعد للاستثمار بالمشروع؟ شخصياً لا أظن قبل الخطوة رقم 6 أو 7 وحتى وقتها قد لا يكون الاستثمار خيار صحيح (خصوصاً عربياً) لأن المستثمر في تلك المرحلة سيقتطع جزء محترم من الشركة مقابل مبلغ صغير.

بالمناسبة، الكلام السابق ينطبق على أغلب الشركات الناشئة وهي مراحل تمر بها معظم الشركات منذ مئات السنين وهذه الشركات ليس بالضرورة أن تكون كما يسوقها الإعلام الآن على أن الشركات الناشئة يجب أن تكون بفكرة غريبة ستغير العالم يتم الاستحواذ عليها بملايين أو مليارات الدولارات فهذه ليست القاعدة بل الاستثناء.