ماذا استفدت من تعلم الهاكر ولماذا أنصح بتعلمه

سبتمبر، 2011

سألني أحدهم عن طريق الإيميل، ماذا استفدت من تعلم الحماية والاختراق اذا كنت أعمل الآن بمجال مختلف عنهم تماماً. علي أن أعترف أن السؤال ذكي ومن يتابع iSecur1ty يعلم أن نشاطي فيه قل كثيراً عن السابق بسبب إنشغالي حالياً بمشاريع أخرى لا تمت لاختبار الإختراق بصلة، لكن قبل أن تظن أن تعلم الهاكر كان مجرد عبثاً سأخبركم كيف إستفدت مما تعلمته ولماذا أنصح أي شخص مهتم بتعلمه.

قبل أن أكمل، دعوني أوضح تعريف معنى هاكر. أنا لا أقصد به الشخص المخرب أو الذي يخترق مواقع الآخرين لأسباب مختلفة أو الذي "يجاهد إلكترونيًا". بل هو الشخص الذي طور نفسه وقدراته، من عرف طريقة عمل النظام و وصل لمرحلة متقدمة باستخدامه، وتخطى ذلك ليتمكن من إستغلال ما تعلمه بطرق أخرى. قراءتي لمقالة كيف تصبح هاكر لـ Eric Raymond عندما بدأت بهذا المجال كان سبب كبير بتغيير نظرتي وطريقة تفكيري نحو الهاكر.

في 2007 بدأت بتعلم مجال الاختراق واستخدام نظام لينكس، كان عمري وقتها 17 سنة وقررت تعلمه لأني وجدته عالم مثير للاهتمام. بعد ثلاث سنين، في بدايات سنة 2010 بدأت الاهتمام أيضاً بريادة الأعمال والشركات الناشئة وبنهاية هذه السنة كنت أعمل على شركة أسميتها Hsoub متخصصة بمعالجة المعلومات وتطوير تطبيقات الويب لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. الإنتقال من مجال الهاكر الى ريادة الأعمال لم يكن صعباً علي، كثير من الأمور والمفاهيم تعلمتها سابقاً من الهاكر وطبقتها في ريادة الأعمال. الخبرة التقنية التي إكتسبتها ساعدتني كثيراً وبدونها لما تمكن من تطوير أي من الأمور التي نعمل عليها الآن. هذه خمسة أمور تعلمتها من الهاكر وتمكنت من تطبيقها بمجال مختلف عنه وأستخدمها بحياتي اليومية أيضاً.

الهاكر يكسبك خبرة تقنية أكثر من أي شيء آخر

هذه لوحدها تكفيك عن كل شيء، ما يجعل مجال الهاكر مميز أنه ليس مرتبط بنظام تشغيل، لغة برمجة أو بتقنية محددة. كل شيء مرتبط ببعضه بطريقة عجيبة وستجد كل مجال تتعلمه يسحبك لآخر. عندما قلت أني أريد أن أصبح "هاكر" بدأت بتعلم نظام لينكس بعد أن كنت مستخدم متقدم لنظام ويندوز. تعلمي لنظام لينكس أكسبني خبرة بادارة السيرفرات وكسر لدي الخوف من استخدام أي نظام يقع تحت يدي، انتقلت للشبكات وقرأت الكثير من الكتب عن طريقة عملها وجمايتها ثم إختراقها. اتجهت بعدها للبرمجة وتطوير البرامج على نظام ويندوز ثم لينكس وانتهاءً بتطبيقات الويب وتعاملت مع لغات برمجة مختلفة إنتهيت بإعتماد Ruby لبرمجة ما أحتاجه، قرأت الكثير من الأكواد البرمجية وأصبحت أبرمج أي فكرة تخطر في بالي. أثناء كل ذلك، أطلقت مدونتي وموقع iSecur1ty، رغبتي بتنفيذ كل شيء بنفسي فرض علي تعلم تطوير المواقع، التعمق أكثر في حمايتها وإختراقها. استفدت من iSecur1ty باكتساب خبرة في ادارة المجتمعات الالكترونية وبناء فريق عمل. الخلاصة، مجال الهاكر فرض علي تعلم الكثير من الأمور وتجربة أخرى لم تكن لتخطر على بالي دونه.

الهاكر يجعلك تفكر خارج الصندوق

من أهم الأمور التي نتعلمها بالاختراق هو أن نفكر بطريقة مختلفة عن الآخرين، أن نجرب أمور واحتمالات غير متوقعة، استخدام أداة بشكل مختلف لما برمجت له. طريقة التفكير المستخدمة في اختراق الأنظمة تستخدم أيضاً لبناء منتجات وحلول لمشاكل تواجه المستخدمين يمكن تحويلها لعمل تجاري، التفكير خارج الصندوق يمكنك من ابتكار حلول لمشاكل كبيرة بطرق صغيرة ولا تستخدم في الهاكر فقط بل في جميع مجالات الحياة.

الهاكر يعلمك ألا تيأس حتى تصل لغايتك

إن لم تجرب إختراق شيء من قبل فلن تعلم كم من المرات ستظن أنك وصلت لمرحة ميؤس منها ورغم كل ذلك تبقى تحاول وتحاول حتى تنجح! الإصرار ضروري، صحيح أن في كثير من الأحيان نرى أن هذا الهاكر نجح باختراقه لأنه "محظوظ" لكن هذا الحظ لن يأتي دون إصرار كبير. إن كنت من النوع الذي يمل بسرعة فلا أتوقع أنك ستنجح باختراق شيء، أن تتحدى نفسك قبل أن تتحدى الآخرين أمر تعلمته من الهاكر، وليس في المدرسة!

الهاكر يجعلك شخص سريع التعلم

قلت في أحد التدوينات، يجب ألا يقول الهاكر جملة "لا أعلم" ولا أقصد هنا أن يدعي العلم بكل شيء، بل لا يوجد أي شيء يمنعه من تعلم ما لا يعلمه! هل صدف وأن قمت بتحميل كود لاحدى الثغرات، جربت الاستغلال ولم يعمل! إن كنت لا تجيد لغة بايثون مثلاً لا يكفي أن تقول لا أعلم كيف أبرمج بهذه اللغة بل يعني أن تجرب فهم الكود والبحث عن المشكلة وكيف يمكن تعديل الكود ليناسبك لتتمكن بالنهاية من استغلاله والوصول لاختراق ناجح. عندما بدأت ببرمجة واجهة إعلانات Hsoub لم أكن أجيد كتابة اكثر من بضعة أسطر بلغة Javascript. واجهة المستخدم الآن تعتمد على لغة جافاسكريبت أكثر من أي شيء آخر، وتزيد عن 1500 سطر برمجي.

الهاكر يعلمك المخاطرة ويعلمك كيف تفشل!

ما الذي يدفع الهاكر لترك كل المجالات "المحترمة" كالبرمجة والتصميم وغيرهم ويتجه لعالم معروف بسمعته السيئة والغير شرعي في أغلب دول العالم؟ الجواب هو حب التحدي والمخاطرة! نفسه الذي يدفع رائد الأعمال لترك الوظيفة "الآمنة" والبدء بمشروعه الخاص بفكرة مجنونة بعد أن يعلم أن نسبة فشل الشركات الناشئة تزيد عن 90%. تسأل ما المفيد في ذلك؟ أولاً، الحياة بدون مخاطرة هي حياة مملة (بالنسبة لي على الاقل). ثانياً، لا أحد سيصل لهدف كبير يسعى إليه دون أن يتعلم كيف يخاطر، أو دون أن يفشل مرات عدة.